ترجمة الامام عبيداللاه

الامام عبيداللاه بن محسن بن علوي السقاف

(هـ 1262 - 1324)

ولد الامام عبيداللاه  بن محسن السقاف ؛ وتوفي ؛ بمدينة سيؤن بحضرموت ؛ وكان شريفا نبيها   ؛ عابدا زاهدا ؛ وقد تعلق تعلقا كبيرا بشيخه الامام  عيدروس بن عمر الحبشى ؛ وعكف عليه بعد وفاة والده ؛ وكان يتردد إلى بلدة الغرفة ؛ حيث يقيم  الامام عيدروس ؛ ماشيا على قدميه ؛ ويقول : أننا إذا كنا فى مجلسه ؛ نغيب عن الكون وأهله ؛ وكان يذهب اليه فى رمضان ماشيا ؛ ليصلى التراويح خلفه ؛ مره كل ليلتين ؛ مع بعد المسافه بين الغرفه وسيؤون ؛ إلى أن توفى الامام  عيدروس بن عمر الحبشي فى سنة 1314هـ ؛ فاعتكف الامام عبيداللاه في بيته ؛ لايغادره الا لصلاة الجمعة ؛ أو لزيارة بعض أقاربه ؛ أو لما هو لازم  من المهمات .

صورة من الحياة اليومية للامام  عبيداللاه بن محسن السقاف

سجلها ابنه الامام عبدالرحمن بن عبيداللاه

وصف الامام عبدالرحمن بن عبيد الله السقاف الحياة اليومية لوالده  فقال : ومنذ عرفته وهو يقوم من النوم انتصاف الليل فيخف إلى الطهارة ؛ ثم يصلى سنتها ؛ ثم الوتر إحدى عشر بحسن قراءة وطول قيام ؛ ثم يقرأ حصة من القرآن ثم يأخذ فى الأوراد والمناجاة .

وكثيراً ما يقول فى آخر دعائه : اللهم ارحمنا إذا عرق منا الجبين ؛ وانقطع منا الأنين ؛ وآىيس منا الطبيب ؛ وبكى علينا الحبيب ؛ اللهم ارحمنا يوم نركب على العود ؛ ونساق إلى اللحود ؛ اللهم ارحمنا  إذا نسي اسمنا ؛ واندرس رسمنا ؛ وفنينا وطوي ذكرنا ؛ ولم يزرنا زائر ؛ ولم يذكرنا ذاكر ؛ اللهم ارحمنا يوم تبلى السرائر ؛ وتكشف الضمائر ؛ وتوضع الموازين ؛ وتنشر الدواوين .

وإذا جاء فصل الصيف والخريف ؛ تهجد على سطح مصلاه ؛ أو فى بطن مسيله ؛ فكأنما تأوب معه الجبال ؛ وتكاد تنقد لخشوعه ؛ الصدور ؛ وتنفطر السرائر .

ثم يصلى الصبح ويأخذ فى اذكار الصباح ؛ حتى إذا أسفر الافق ؛ نبهنى واعاد معى الصلاة ؛ وجلس يقرئنى الى ان تطلع الشمس ؛ فيصلى سنة الضحى ثمانيا ؛ وتارة يختص الاشراق بركعتين  .

وقال الامام عبدالرحمن بن عبيداللاه عن والده  : ثم يتناول ما تيسر من الفطور ؛ ويعود إلى مصلاه الذى بناه سنة 1300 هـ ووقف منه قطعة صغيرة للمسجد علينا ؛ وعلى ذريتنا فقط ؛ ليصح الاعتكاف فيه ؛ فيجلس للتدريس به لأناس مخصوصين ؛  وأما تلميذه الشيخ محمد بن شيخ الدثنى ؛ فقد لازمه ثلاثين سنة .

وكان يحمينى من مخالطة ابناء الزمان ؛ ومتى فرغ من درسي ؛ جاء إليه الدثنى ليقرأ عليه ؛ إلى قريب الظهر ؛ عندئذ يتناول ما تيسر من الغذاء ؛ ثم يقيل نصف ساعة أو اقل ؛ يتهيأ بعدها للظهر فريضة ونوافل .

ثم يدخل إلي أهله ؛ فتقرأ عليه الوالده ؛ فكلما انتهت من كتاب شرعت في آخر ؛ إلى أن يدخل وقت العصر ؛ فيقوم إلى  مصلاه ؛ ويؤديها نافلة وفريضة بطهر مجدد ؛ ثم يشتغل بشيء من الأوراد والحزوب ؛ ثم أحضر بكتابي ؛ فأقرأ عليه درسا ؛ ثم انهض إلى اللعب مع  الذين خصصهم للعب معي . حيث كان يحميني من مخالطة ابناء الزمان .

ثم يحضر الدثنى ؛ وهو مرافقه الخاص ؛ فيقرأ عليه إلى المغرب ؛ فيستأنف الطهارة ؛ ثم يؤدى المغرب بنوافلها الراتبة وغيرها ؛ ثم اقرأ عليه درسا خفيفا ؛ ويخلفني الدثنى في القراءة إلى العشاء ؛ وقد يحضر تلاميذه  فى هذا الوقت وغيرهم ؛ فيكون درسهم واحدا .

ثم نؤدى صلاة العشاء ؛ ثم نصلى راتبته ؛ ويشتغل بعدها بأذكار المساء ؛ ثم يتناول العلقة من الطعام ؛ ثم يأخذ مضجعه وقد غلب عليه الخوف من الله ؛ والشوق اليه ؛ فقلما يطمئن به فراشه ؛ وهكذا دواليك .

وقد انطبعت نفسه ؛ ورسخت أعضاؤه ؛ على إتباع السنة ؛ في يقظته وانتباهه وقيامه وقعوده ومدخله ومخرجه وقضائه للحاجه ؛ إنطباعاً لا يحتاج معه إلى تكلف ؛ بل  كان كثيراً ما يتضجر من النهار ؛ ولا سيما إذا كثر عليه الواردون ؛ مع أن كلامه معهم ؛ لا يخرج عن التمجيد والتحميد والتعريف والتوحيد ؛ والوعظ الذي يلين له الحديد .

وكان يتململ لما يجد من اللذة فى العباده ؛ خوفاً أن ينقطع بها المقصود ؛ ويكون حظه من العمل ؛ وكان يحكى مثل ذلك عن أبيه .

وكان آيه في عزة النفس ؛ والصدع بالحق ؛ والشدة فيه ؛ والغيرة عليه ؛ إلى  بسطة كف ؛ ورحمة وشفقة وسلامة صدر ؛ وورع حاجز ؛ واحتياط تام ؛ وقناعة بما يجد من حرثه .

وطيلة حياتي معه ؛لم أسمع منه لغواً قط ؛ وكان أعيان زمانه ؛ يعرفون ذلك عنه ؛ وكانت ترتعد عنده فرائص الملوك ؛ لما يرون عليه من عزة الإيمان وشرف العلم وصولة الحق وسلطان الصدق وقوة اليقين ؛ فيأمرهم وينهاهم ولا يؤملون أن يقبل منهم شيء إلى  آخر .

 وكان حريصاً على تشجيع الشباب وتعليمهم ؛ فإذا بلغه عن أحدهم زيادة الاجتهاد فى العلم اوالعباده او العمل ؛ أثنى عليه في مجالسه ليتنافس الشباب  فى مثل عمله .

وكان يرتب درساً أسبوعياً ؛ يتنقل فيه بين  بيوت إخوانه ؛ ليحضروه  مع نسائهم وأولادهم ؛ فيقرؤا عليه ما تيسر من كتب السلف ؛ ثم يعظهم ويحثهم ؛ ويشرح لهم آثار أسلافهم .

وله ديوان منظوم ؛ أكثره فى حث الشباب على التمسك  بطريقة سلفهم ؛ وله مكاتبات عظيمة ؛ ووصايا نافعه ٍ؛ رحمه الله واسكنه فسيح جنانه . (انتهى ما ذكره الامام  عبدالرحمن بن عبيدالله السقاف عن والده  باختصار )