ترجمة والده

ترجمة والد صاحب المصلى

الامام محسن بن علوي بن سقاف السقاف

(هـ 1211 -1290)

سيؤون – حضرموت

 

 

 

 

 

خط الامام  محسن بن علوي السقاف وخاتمه على وثيقة شرعية
وكان يطلق على نفسه في توقيعه خادم العلم محسن بن علوي بن سقاف

 

كان الامام محسن بن علوي السقاف ؛ قاضي البلاد  ؛ ومن كبار زعماء حضرموت الدينيين والسياسيين ؛  وكان له دور هام في مجريات الاحداث  في تلك الفترة  ؛ كما كان له دور بارز  في تأسيس الدولة الكثيرية الثالثة ؛ وهي الدولة التي اسسها السلطان غالب بن محسن الكثيري  سنة 1265 ه  ؛ وقد تعرض في سبيل ذلك لاخطار جسيمة ؛ ومشاق عظيمة .

وكان رحمة تامة بالضعفاء والمساكين  ومن لا ناصر لهم إلا الله ؛ يعود مرضاهم ويشيع جنائزهم  ؛ ويدخل عليهم السرور ؛ ويسعى في قضاء حاجاتهم ؛ وقلما يصل موضع درس الخميس  بمسجد جده علي بن عبدالله السقاف .. إلا وقد زار سبعة او ثمانية  من بيوت أولي الحاجات ؛ فيكشف  كرباتهم ويعزيهم ؛ ويعظم نعمة الله عليهم  ؛ ثم يسعى جهده  فيما يقضي حاجاتهم وينفس ضيقهم .

وكان الامام محسن وصولا  لأرحامه   ؛ متحملا لشؤونهم واثقالهم  ؛ كافلا لهم ولعائلاتهم  ؛ حتى لقد زوج من اخوانه واولادهم  نحوا من خمسين ؛ وما زال كافلا لهم مع الاكرام التام ؛ حتى شب اولاده  فتفرقوا  ؛ فكان يواسيهم بحسب قدرته  ؛ ويسير الى بيوتهم ويتفقدهم  في غالب الايام ؛ وربما دخل في اليوم الواحد  خمسة دور لأقاربه أو اكثر ؛ وإذا ضاق باحد منهم عيشه .. تكدر كثيرا حتى يفرج الله عنه  ؛ وكان يقاسي لاجلهم الصعاب ويتحمل المشاق ؛ ويقول في آخر وقته : إن قدرنا على صلتهم بشيء ؛ وإلا فلا أقل من السلام .

وكان الامام محسن بن علوي ؛ عالما ضليعا ؛ وفقيها متبحرا ؛ وخطيبا مفوها  ؛ كما كان كثير العبادة  ؛ فكان لا ينام من الليل إلا قليلا من أوله ؛ وإذا انتبه من نومه .. يقوم فيتوضأ   ثم يصلي ركعتين خفيفتين  ؛ ثم يأتي بالاذكار  ثم يصلي باقي الوتر  ؛ ثم يتبع ذلك بمناجاة  الباري عز وجل  بحضور تام وتوجه كامل  ؛ ويبقى على تلك الحال إلى أن يقرب  الفجر ؛ فيخرج الى المسجد ويصلي التحية  ؛ ثم يستمع لقراءة القرآن ؛ ومتى امتهت النوبة الى من يحسنها .. استكثره منها  ؛ وخفق قلبه ؛ واهتزت روحه ؛ حتى يكاد  يلفظ نفسه  . وكان رضوان الله عليه لا يطيب نفسا ؛ ولا يمتلىء أنسا إلا بمناجاة الباري عز وجل  ؛ ومذاكرة العلوم  .

وأما في رمضان  فكان لا ينام أبدا ؛ بل يحيي الليل كله  في تلاوة القرآن  ومراجعة التفاسير ؛ ويحضر عنده مجموعة من التفاسير ؛ منها تفسير البيضاوي ؛ وتفسير الخطيب  ؛ والبغوي ؛ والكشاف  ؛ والضيائين ؛ والخازن ؛ والدر المنثور ؛ والجلالين وكان يقول : البيضاوي سيد المفسرين .

وفي آخر أيامه استوحش  بالآخرة عن الناس ؛ واستكثر من الانس بالله  ؛ فكان يخرج الى مكانه المسمى بعلم بدر ؛ ويتزود  بقليل من الثريد المصبوغ بالماء ؛ وفي  الليل يسهر  في العبادة ؛ وإذا كان من  نصف الليل ؛ أتي له بطعامه  الى ساقية المكان ؛ فيتهجد على ما سبق وصفه .

وفي اليوم الخامس من شهر رمضان المعظم من سنة  1290 ه  انتقل الى رحمة الله  ؛ وكان  قد احرم  بسنة الوضوء  ؛ ووجه  نفسه الى القبلة  ؛ ثم خرجت روحه الشريفة ؛ رحمه الله رحمة الابرار ؛ وأسكنه دار القرار .