ولد الامام عبدالرحمن بن عبيدالله بن محسن بن علوي السقاف في السابع والعشرين من رجب سنة 1300 هـ بمدينة سيئون ببلد بحضرموت .
ونشأ نشـأة صالحة في كنف أسرته ؛ وهي إحدى الأسر المشهورة بالعلم والكرم ؛ واعتنى بتربيته والده الرجل الصالح العابد , الزاهد الورع , عبيداللاه بن محسن السقاف ؛ والمتوفي سنة 1324هـ , وتتلمذ ؛ وهو دون سن البلوغ ؛ على الإمام العلامة عيدروس بن عمر الحبشي ؛ صاحب الغرفة ؛ المتوفى بها سنة 1314هـ ؛ وكان تأثره به قوياً ؛ وتعلقه به تاما .
وقد اعتنى والده بتعليمه , وحرص على استصحابه للمجالس العلميه , المنتشرة في حضرموت تلك الايام , كما اختار لتعليمه ؛ نخبة من خيرة المدرسين , وعهد اليهم بتعليمه القرآن الكريم , والفقه والنحو ؛ وقد صار بعض اساتذته ؛ فيما بعد ؛ من تلامذته المواظبين على حضور دروسه !
ويعتبر الامام عبدالرحمن بن عبيداللاه احد النوادر في عصره ؛ بل والى الان لم يظهر من يماثله في علمه وعبقريته ؛ فقد كان إماما في الفقه الشافعي ؛ لا يبعد كثيرا عن ائمة الفقه الكبار ؛ وكان لا يبارى في البلاغة واللغة ؛ وكأنما هوحافظ لقواميس اللغة العربية الكبيرة ؛ وكان مؤرخا عظيما ؛ يشهد على ذلك مؤلفه العظيم (ادام القوت )؛ وسفره الكبير الذي مازال مخطوطا (بضائع التابوت ) ؛ كما كان خطيبا مصقعا ؛ وشاعرا مجيدا ؛ وكان شجاعا يجهر برأيه ولا يخاف في الحق لومة لائم ؛ كما كان كريما مضيافا ؛ لطيف المعشر ؛ خفيف الظل . عابدا زاهدا .
وقد كان للامام عبدالرحمن بن عبيداللاه السقاف اتصالات بالزعماء والسلاطين في حضرموت وخارجها ؛ وصداقة قوية بالامام يحيى حميد الدين ؛ امام اليمن ؛ كما سافر سفرات قصيرة الى الهند وجاوة والساحل الافريقي ؛ حيث كان يستقبل فيها استقبال الملوك ؛ واجتمع بالادريسي في عسير ؛ وكانت له اتصالات بعلماء مصر ؛ كما كتب في المجلاته المصرية الرفيعة كالمنار والازهر وغيرهما ؛ ودعي الى مؤتمر الخلافة في مصر ؛ لكنه لم يتمكن من السفر الى مصر بسبب الظروف في حضرموت . كما حج حجتين ؛ وتقابل مع الملك عبدالعزيز آل سعود ؛ وخطب في حفلة استقبال الحجاج التي يقيمها الملك بقصر المعابدة بمكة المكرمة ؛ وتفوق في خطبته على كل العلماء والادباء من مصر والعراق والشام ؛ وقال من حضروا هذا الحفل ؛ ان الملك عبدالعزيز قال له بعد انتهاء خطبته : بارك الله في البلد التي انجبتك .
وقد ادهشت مؤلفاته التي طبعت مؤخرا العلماء والادباء ؛ باسلوبها ولغتها وافكارها وعلومها ؛ وكان قوي الحافظة ؛ يملي اغلب مؤلفاته من ذاكرته دون الرجوع لكتاب أومتن أو ديوان ؛ ويزين كتابته بمآت الابيات الشعرية والنوادر الادبية والاحكام الفقهية .
صنف ابن عبيدالله مصنفات تشهد له بالبراعة وعلو الكعب ومن مصنفاته المطبوعة ما يلي
أولاً: مصنفاته الفقهية
كتاب (صوب الركام في تحقيق الأحكام) وهو مطبوع طبعة حديثة جيدة ويقع في 1064 صفحة . وهو يبحث في باب دقيق من ابواب الفقه ؛ لم يصنف فيه أحد من الفقهاء المتاخرين ؛ وهو كتاب ذو فائدة عظيمة ؛ خصوصا للقضاة والمفتين والمختصين في علم الفقه
أما مصنفاته الفقهية التي ما زالت مخطوطة فهي :
- حاشية على كتاب (فتح الجواد بشرح الإرشاد)
- حاشية على كتاب (منهاج الطالبين) للأمام النووي رحمه الله
- حاشية على تحفة المحتاج بشرح المنهاج. لابن حجر الهيتمي
ثانياً: مصنفاته في الحديث:
1- كتاب بلابل التغريد فيما أستفدناه من قراءة التجريد ؛ وهو مطبوع طبعة جيدة تقع في 671 ورقة .. وهي تمثل الجزء الاول من هذا الكتاب العظيم ؛ أما الجزء الثاني والثالث ؛ فما زالا مفقودان . قال عنه الأستاذ الزركلي : هو أشبه بكتب الأمالي في ثلاثة أجزاء. وقد صنفه أيام تدريسه للتجريد الصريح ؛ وهو (مختصر البخاري) للإمام العلامة الزبيدي الشرجي. كما ان للامام بن عبيداللاه حاشية على الشمائل النبوية للإمام الترمذي مازالت كذلك مخطوطة .
ثالثا: مصنفاته التاريخية:
( ادام القوت او معجم بلدان حضرموت ) وهو مطبوع طبعة فاخرة في 812 صفحة وهو من اعجب كتب التاريخ حيث أتى فيه الى جانب التاريخ بعلوم اخرى كثيرة ؛ وهو ملخص لكتابه التاريخي الكبير
(بضائع التابوت في نتف من تاريخ حضرموت ) والذي ما زال مخطوطا في ثلاث مجلدات ضخام ، قال عنه الزركلي مثنياً عليه: (وأتى فيه بعلم غزير، في تاريخ حضرموت وبيوتها وحكامها وأعلامها، إلى استطرادات في فنون مختلفة من أدب وحديث ونقد، إلى وثائق سياسية ومعاهدات وملحوظات .
مؤلفاته الأدبية النقدية :
1-( العود الهندي عن أمالي في ديوان الكندي ) وهو مطبوع في ثلاثة مجلدات ؛ ثم طبع مؤخرا طبعة فاخرة في 812 صفحة من القطع الكبير ؛ وهو كتاب من أحفل كتب الأدب ؛ مشحون بالفوائد والفرائد مع الأشعار والأخبار، مما يدل على ما يتصف به مؤلفه من سعة الاطلاع، وبه الكثير من النكت والنوادر و الشواهد ؛ وطرائف من الشعر أو القصص الحديثة .
2-كتاب (النجم المضي في نقد عبقرية الشريف الرضي أو مفتاح الثقافة ) وفيه يرد فيه على الدكتور زكي مبارك مؤلف كتاب عبقرية الشريف الرضي ؛ وقد طبع حديثا طبعة جيدة في 521 صفحة ؛وهو من ابدع الكتب في النقد الادبي ؛ وتظهر فيه عظمة الامام بن عبيداللاه في املائه هذا الكتاب من ذاكرته ؛ وبه اشارة الى مئآت من الابيات الشعرية لمن لا يحصى من الشعراء المتقدمين والمتأخرين مع المقارنة بينها ؛ وهذا الكتاب هو كما اراده المؤلف ؛ المدخل لمن يريد أن يلج عالم الثقافة والادب .
ومن مؤلفاته الادبية التي مازالت مخطوطة ( الرحلة الدوعنية ) : وهي وصف لرحلة قام بها الى مناطق دوعن سنة 1360هـ .. وهي تعد من روائع أدب الرحلات.
3- ديوان شعر الامام ابن عبيدالله:
وهو ديوان حافل بأصناف وألوان القصائد وأرقها وأعذبها وأجزلها .وقد طبع في رمضان من سنة 1378هـ ، تحت نظر وتصحيح الشيخ حسنين مخلوف وباشراف ابن الامام السيد الشاعر الاديب حسن بن عبدالرحمن السقاف ؛ ولكن نسخ هذه الطبعة القديمة ؛ اختفت مع مرور الزمن ؛ ومنذ فترة بعيدة ؛ ثم طبع هذا الديوان مؤخرا بطبعة فاخرة تقع في 612 صفحة . قال عنه الشيخ حسنين مخلوف : ديوان شعر وعلم وأدب وتاريخ وسير ودين وأخلاق.
كما توجد مجموعة أخرى مخطوطة من شعرالامام بن عبيداللاه تقع في حوالي 500 صفحة ؛ وتمثل الجزء الثاني من هذا الديوان .
كتب اخرى تتعلق بالشعر :
وله ايضا كتيب (النقد العلمي الذوقي في الجواب عن أبيات شوقي ) : وهو جزء لطيف مخطوط يقع في 32 صفحة ومطبوعاً طبعة قديمة غير متوفرة حاليا. وله أيضا (معارضة البردة ) : طبعت بعدن سنة 1367هـ. و (نسج البردة ) : على منوال بردة البوصيري وقد طبعت مؤخرا
خامساً: محاضراته وخطبه:
كان الامام بن عبيدالله السقاف خطيباً مصقعاً.. ومع ما ترى له من المؤلفات العظيمة ؛ إلا أنه كان في الخطابة أعظم منه في الكتابة ؛ وقد جمعت بعض خطبه ؛ ونشر بعضها بالمجلات المصرية كما طبع بعضها ؛ ومنها :
1- محاضرة في تحقيق الفرق بين العامل بعلمه وغيره ؛ وما يتصل بذلك من حد الولاية وحكم الإلهام؛ طبعَهُ بمصر سنة 1355هـ في 32 صفحة بتقريظ العلامة أحمد المطاع الصنعاني. ثم أعيد طبعها مؤخرا .
2-كلمة عن العدالة والمساواة:ألقاها في درسه بسيؤن في 9 ربيع الثاني سنة 1372هـ.. بعد أن سئل عن حكم الإسلام في ذلك ، وكانت على البديهة ارتجالاً بدون تحضير سابق!!
3-كلمة حول ((تحديد الملكية)):وهي رد على مقال للشيخ محمد عرفة نشر بمجلة الأزهر.. وتاريخها 16 ربيع الثاني 1372هـ.
سادساً: الردود:
نذكر منها:
- النجم الدري في الرد على السيد سالم الجفري
- نسيم حاجر في تأكيد قولي عن المهاجر:
3- السيف الحاد لقطع الإلحاد :طبع بعدن في شعبان 1369هـ في 138 صفحة. وهو رد على كتاب توحيد الأديان . وقد اعيد طبعه مؤخرا ضمن كتاب بلابل التغريد وجاء في 200 صفحة .