أسس الامام عبيداللاه بن محسن السقاف مسجده ومصلاه في سنة 1300 ه في منطقة علم بدر الواقعة الان في قلب مدينة سيؤون . وكانت هذه المنطقة صحراء طينية تقع شرق بلدة سيؤن بعيدة عن العمران والبيوت . وكان والده الامام محسن بن علوي السقاف يقصدها منفردا للعبادة والتهجد كما سيجيء في ترجمته .
وكان الامام عبيداللاه قد انتقل بسكنه الى هذه المنطقة الخالية بعد وفاة والده ؛ حيث كان يسكن مع والده في بيتهم المجاور لمسجد طه بسيؤون ؛ وقد ورث هذه البقعة عن والده ؛ وبنى بها مسجده ومصلاه ؛ وبنى بالخلف بيته الطيني المتواضع ؛ وذلك على مايبدوا في نفس السنة التي بنى فيها المصلى . كما حفر بئرا للماء ؛ وزرع عددا من النخل والعلوب والمزروعات ؛ لطعامه ومصاريفه ؛ واقام على أرضه فلاحا ليرعى امور زراعته وبئره .
ثم ابتنى الامام عبدالرحمن بن عبيداللاه بعد ذلك منزله الكبير شمال المباني القديمه ؛ يفصلهما ساقية طينية واسعة ؛ واصبح هذا البيت مقصد العديد من سلاطين حضرموت ووجهائها وعلمائها وزعماء القبائل المختلفة ؛ ذلك لما حازه الامام عبدالرحمن بن عبيداللاه من سمعة علمية واسعة ؛ في حضرموت وفي خارجها . وهذ البيت الذي زال موجودا الى الآن ؛ ونتمنى ان تقوم جهة حكومية او أهلية بشرائه من الورثة وصيانته وفتحة كمتحف لواحد من اعظم من انجبتهم حضرموت بل اليمن قاطبة والذي شهد له الجميع بتفوقه وعبقريته .
وكان الامام بن عبيداللاه يستقبل زواره بعد صلاة العصر ؛ ويجلس معهم بهذه الساقية مباشرة على الطين ؛ بدون فرش ؛ ليدرس في بعض الكتب ؛ او يتحدث في بعض المواضيع ؛ الى أذان المغرب ؛ فإذا أذن المغرب صلى بمن معه المغرب ؛ ثم يغادر الضيوف ويبقى الامام منفردا لوحده ؛ منشغلا بقراءة القرآن والاوراد حتى صلاة العشاء التي يصليها مع عائلته ثم ياوي الى منزله .
ثم لما تهدم البيت والمصلى مع مرور الايام والسنين ؛ بعد وفاة أغلب أبناء الامام عبدالرحمن بن عبيداللاه ؛ ازيلا بالكلية ؛ وبقي الحال على ما هو عليه لسنوات طويلة ؛ ثم طلبت حفيدة الامام عبيداللاه بن محسن ؛ الشريفة طلحة بنت عبدالرحمن بن عبيداللاه ؛ ان يكون قسمها في ارض والدها ؛ هو الجزء الشامل للمسجد والمصلى ؛ واقامت على هذا الموقع ؛ في سنة 1316 ه مشروعها لاعادة بناء المصلى ؛ قربة لله تعالى ؛ واحياءا لذكرى والدها وجدها وبقية اسرتها ؛ وخدمة لاهل بلدها ؛ ولكن بتصميم عصري جديد ؛ وبالاسمنت المسلح . وقد بدأ لعمل في المصلى في شهر ربيع الاول من سنة 1316 ه ؛ واكتمل العمل في المصلى في نهاية شهر شعبان من سنة 1317 ه حيث افتتح المبنى بعد ذلك ؛ وأديت به أول صلاة بفاتحة شهر رمضان من نفس السنة 1317 ه . وقد احتوى المبنى الجديد على قاعة الصلاة ؛ مبنية على موقع المصلى القديم ؛ وقاعة اخرى مجاورة لها ؛ للجلسات والدروس ؛ سميت قاعة المكتبة ؛ وقاعة اخرى بالدور العلوي مجهزة للمحاضرات ؛ وزود المصلى بكل المستلزمات التي يحتاجها ؛ من صوتيات ومكيفات ؛ وفرش بالفرش الحديث ؛ كما احتوى المصلى على المرافق الاخرى من مكاتب ادارية ومخزن وحمامات ؛ وغرفة لمولد الكهرباء الاحتياطي ؛ تحتوي مولد كهرباء احتياطي من النوع الياباني الممتاز ارسل للمصلى من مدينة جدة بالمملكة العربية السعودية . كما تتحمل الشريفة طلحة رحمها الله ؛ من المبلغ البسيط الذي كان يصلها من مكتب زوجها لادارة العقار ؛ المصاريف الشهرية لمشروع المصلى ؛ من رواتب وكهرباء وماء وصيانه وخلافه . واوصت بأن يستمر ذلك بعد وفاتها ؛ جعل الله ذلك ثوابا لها وصدقة جارية لها عنها ؛ واسكنها مع زوجها وآبائها وأمهاتها الفردوس الاعلى من الجنة . إنه سميع مجيب .
هذا وكان المصلى يستخدم في زمن الامام عبيداللاه ؛ لصلواته وتنفله ؛ كما يصلي فيه ؛ من عائلة الامام عبيداللاه بن محسن ؛ الرجال حينا ؛ والنساء أحيانا ؛ ؛ وبقي الحال كذلك في ايام ابنه الامام عبدالرحمن بن عبيداللاه ؛ كما استمر الامام عبدالرحمن بن عبيداللاه ؛ يصلي بزواره واولاده التراويح في هذا المصلى في شهر رمضان من كل سنة ؛ وكذلك فعل ابنه الاكبر الاديب العلامة حسن بن عبدالرحمن السقاف ؛ والذي استمر يصلي بالناس صلاة التروايح بهذ المصلى الى قرب فاته .
ويشعر الجميع بدرجة كبيرة من الروحنة والحضور في هذا المصلى ؛منذ انشائه ؛ وذكر بعض افراد العائلة أن اخت الامام عبدالرحمن بن عبيدالاه الشريفة العالمة العابدة علوية ؛ كانت اذا اصابها ضيق او اهم ؛ تاتي من منزلها بدار آل بن بصري ؛ وتتنفل بالمصلى ؛ فينشرح صدرها ويذهب عنها همها .
رحمهم الله جميعا ؛ واسكنهم فسيح جناته ؛ وجعل هذا المصلى واحة للعبادة والدراسة ؛ ونفع به الاسلام والمسلمين على مر السنين .